فصل: ومن باب الحد في الخمر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم السنن



.ومن باب الرجل يزني بجارية امرأته:

قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا قتادة عن خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم أن رجلًا يقال له عبد الرحمن بن حنين وقع على جارية امرأته فرفع إلى النعمان بن بشير وهو أمير على الكوفة فقال لأقضين فيك بقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة، وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة فوجدوه أحلتها له فجلدوه مائة، قال قتادة كتبت إلى حبيب بن سالم فكتب إليَّ بهذا.
قلت: هذا الحديث غير متصل وليس العمل عليه.
قال أبو عيسى سألت محمد بن إسماعيل عنه فقال أنا أنفي هذا الحديث.
وقد روي عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما إيجاب الرجم على من وطئ جارية امرأته، وبه قال عطاء بن أبي رباح وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال الزهري والأوزاعي يجلد ولا يرجم.
وقال أبو حنيفة وأصحابه فيمن أقر أنه زني بجارية امرأته يحد وإن قال ظننت أنها تحل لي لم يحده.
وعن الثوري أنه قال إذا كان يعرف بالجهالة يعزر ولا يحد، وقال بعض أهل العلم في تخريج هذا الحديث أن المرأة إذا أحلتها له فقد أوقع ذلك شبهة في الوطء فدرئ عنه الرجم، وإذا درأنا عنه حد الرجم وجب عليه التعزير لما أتاه من المحظور الذي لا يكاد يعذر بجهله أحد نشأ في الإسلام أو عرف شيئا من أحكام الدين فزيد في عدد التعزير حتى بلغ به حد الزنا للبكر ردعًا له وتنكيلًا.
وكأنه نحا في هذا التأويل نحو مذاهب مالك فإنه يرى للإمام أن يبلغ بالتعزير مبلغ الحد وإن رأى أن يزيد عليه فعل.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في رجل وقع على جارية امرأته إن كان استكرهها فهي حرة وعليه لسيدتها مثلها وإن طاوعته فهي له وعليه لسيدتها مثلها».
قلت: هذا حديث منكر وقبيصة بن حريث غير معروف والحجة لا تقوم بمثله، وكان الحسن لا يبالي أن يروي الحديث ممن سمع.
وقد روي عن الأشعث صاحب الحسن أنه قال بلغني أن هذا كان قبل الحدود.
قلت: لا أعلم أحدًا من الفقهاء يقول به، وفيه أمور تخالف الأصول.
منها إيجاب المثل في الحيوان ومنها استجلاب الملك بالزنا.
ومنها إسقاط الحد عن البدن وإيجاب العقوبة في المال.
وهذه كلها أمور منكرة لا تخرج على مذهب أحد من الفقهاء وخليق أن يكون الحديث منسوخًا إن كان له أصل في الرواية والله أعلم.

.ومن باب من عمل عمل قوم لوط:

قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به».
قال أبو داود: حدثنا إسحاق بن راهويه أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني ابن خثيم قال: سمعت سعيد بن جبير ومجاهد يحدثان عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه في البكر يوجد على اللوطية قال يرجم.
قلت: في هذا الصنع هذه العقوبة العظيمة وكأن معنى الفقهاء فيه أن الله سبحانه أمطر الحجارة على قوم لوط فقتلهم بها ورتبوا القتل المأمور به على معاني ما جاء فيه في أحكام الشريعة فقالوا يقتل بالحجارة رجمًا إن كان محصنًا ويجلد مائة إن كان بكرًا ولا يقتل.
وإلى هذا ذهب سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والنخعي والحسن وقتادة وهو أظهر قولي الشافعي.
وحكي ذلك أيضًا، عَن أبي يوسف ومحمد.
وقال الأوزاعي حكمه حكم الزاني، وقال مالك بن أنس وإسحاق بن راهويه يرجم إن أحصن أو لم يحصن وروى ذلك عن الشعبي.
وقال أبو حنيفة يعزر ولا يحد وذلك أن هذا الفعل ليس عندهم زنا.
وقال بعض أهل الظاهر لا شيء على من فعل هذا الصنيع.
قلت: وهذا أبعد الأقاويل من الصواب وأدعاها إلى إغراء الفجار به وتهوين ذلك بأعينهم وهو قول مرغوب عنه.

.ومن باب فيمن أتى بهيمة:

قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا عبد العزيز بن محمد حدثني عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه»، قال: قلت ما شأن البهيمة قال ما أراه قال ذلك إلاّ أنه كره أن يؤكل لحمها وقد عمل بها ذلك العمل.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس أن شريكًا وأبا الأحوص وأبا بكر بن عياش حدثوهم عن عاصم عن ابن رزين عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ليس على الذي يأتي بهيمة حد.
قال أبو داود وحديث عاصم يضعف حديث عمرو بن أبي عمرو.
قلت: يريد أن ابن عباس لو كان عنده في هذا الباب حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالفه.
وقال يحيى بن معين عمرو بن أبي عمرو ليس به بأس وليس بالقوي.
وقال محمد بن إسماعيل عمرو صدوق ولكن روى عن عكرمة مناكير ولم يذكر في شيء عمن حديثه أنه سمع من عكرمة.
قلت: وقد عارض هذا الحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيوان إلاّ لمأكلة.
وقد اختلف العلماء فيمن أتي هذا الفعل فقال إسحاق بن راهويه يقتل إذا تعمد ذلك وهو يعلم ما جاء فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن درأ عنه إمام القتل فلا ينبغي أن يدرأ عنه جلد مائة تشبيهًا بالزنا.
وروي عن الحسن أنه قال يرجم إن كان محصنًا ويجلد إن كان بكرًا.
وقال الزهري يجلد مائة أحصن أو لم يحصن.
وقال أكثر الفقهاء يعزر وكذلك قال عطاء والنخعي وبه قال مالك وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل، وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه وهو أحد قولي الشافعي وقوله الآخر إن حكمه حكم الزاني.

.ومن باب الأمة تزني ولم تحصن:

قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عَن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، قال إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فبيعوها ولو بضفير»، قال ابن شهاب لا أدري في الثالثة أو الرابعة والضفير الحبل.
فيه من الفقه وجوب إقامة الحد على المماليك إلاّ أن حدودهم على النصف من حدود الأحرار قوله تعالى: {فلهن نصف ما على المحصنات من العذاب} [النساء: 25].
ولا يرجم المماليك وإن كانوا ذوي أزواج لأن الرجم لا يتنصف فعلم أنهم لم يدخلوا في الخطاب ولم يعنوا بهذا الحكم.
وأما قوله: «إذا زنت ولم تحصن» فقد اختلف الناس في هذه اللفظة فقال بعضهم إنها غير محفوظة.
وقد روي هذا الحديث من طريق غير هذا ليس فيه ذكر الإحصان.
وقال بعضهم إنما هو مسألة عن أمة زنت ولا زوج لها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تجلد» أي كما تجلد ذوات الزوج وإنما هو اتفاق حال في المسئول عنه وليس بشرط يتعلق به في الحكم فيختلف من أجل وجوده وعدمه.
وقد اختلف الناس في المملوكة إذا زنت ولا زوج لها، فروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال لا حد عليها حتى تحصن وكذلك قال طاوس.
وقرأ ابن عباس: {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} [النساء: 25] وقرأها أحصن بضم الألف.
وقال أكثر الفقهاء تجلد وإن لم تتزوج ومعنى الإحصان فيهن الإسلام.
وقرأها عاصم والأعمش وحمزة والكسائي أحصن مفتوحة الألف بمعنى أسلمن. والضفير الحبل المفتول.
وفيه دليل على أن الزنا عيب في الرقيق يرد به ولذلك حط من القيمة وهضم من الثمن.
وفيه دليل على جواز بيع غير المحجور عليه ماله بما لا يتغابن به الناس.
قال أبو داود: حدثنا ابن نفيل حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه، عَن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، وقال: «إن زنت فليضربها كتاب الله ولا يثرّب عليها».
معنى التثريب التعيير والتبكيت يقول لا يقتصر على أن يبكتها بفعلها أو يسبها ويعطل الحد الواجب عليها.
وفيه دليل على أن للسيد أن يقيم الحد على مملوكه دون السلطان.
وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما والحسن البصري والزهري، وبه قال سفيان الثوري ومالك والأوزاعي والشافعي.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يرفعها إلى السلطان ولا يتولى إقامة الحد عليها.
في قوله: «فليضربها كتاب الله» دليل على أن الضرب المأمور به هو تمام الحد المذكور في الكتاب الذي هو عقوبة الزاني دون ضرب التعزير والتأديب.
وقال أبو ثور في هذا الحديث إيجاب الحد وإيجاب للبيع أيضًا لا يمسكها إذا زنت أربعًا.

.ومن باب إقامة الحد على المريض:

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني أبو أمامة عن سهل بن حنيف «أنه أخبره بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنه اشتكى رجل منهم حتى أضني فعاد جلدة على عظم فدخلت عليه جارية لبعضهم فهش لها فوقع عليها، فلما دخل عليه رجال من قومه يعودونه أخبرهم بذلك وقال استفتوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني قد وقعت على جارية دخلت علي فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا ما رأينا بأحد من الناس من الضر مثل الذي هو به لو حملناه إليك لتفسخت عظامه ما هو إلاّ جلد على عظم فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة».
قوله: أضني معناه أصابه الضنى وهو شدة المرض وسوء الحال حتى ينحل بدنه ويهزل، ويقال إن الضنى انتكاس العلة.
وفيه من الفقه: أن المريض إذا كان ميئوسا منه ومن معاودة الصحة والقوة إياه وقد وجب عليه الحد فإنه يتناول بالضرب الخفيف الذي لا يهده.
وممن قال من العلماء بظاهر هذا الحديث الشافعي، وقال إذا ضربه ضربة واحدة بما يجمع له من الشماريخ فعلم أن قد وصلت كلها إليه ووقعت به أجزأه ذلك.
وكان بعض أصحاب الشافعي يقول إذا كان السارق ضعيف البدن فخيف عليه من القطع التلف لم يقطع.
وقال بعضهم هذا الحديث أصل في وجوب القصاص على من قتل رجلًا مريضا بنوع من الضرب لو ضرب بمثله صحيحًا لم يهلك فإنه يعتبر خلقة المقتول في الضعف والقوة وبنيته في احتمال الألم فإن من الناس من لو ضرب الضرب المبرح الشديد لاحتمله بدنه وسلم عليه، ومنهم من لا يحتمله ويسرع إليه التلف بالضرب الذي ليس بالمبرح الشديد فإذا مات هذا الضعيف كان ضاربه قاتلًا له وكان حكم الآخر بخلافه لقوة هذا وضعف ذلك.
قلت: وهذا قول فيه نظر وضبط ذلك غير ممكن واعتباره متعذر والله أعلم.
وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابه لا نعرف الحد إلاّ حدًا واحدًا الصحيح والزمن فيه سواء.
قالوا ولو جاز هذا لجاز مثله في الحامل أن تضرب بشماريخ النخل ونحوه، فلما أجمعوا أنه لا يجري ذلك في الحامل كان الزمن مثل ذلك.

.ومن باب الحد في الخمر:

قال أبو داود: حدثنا الحسن بن على ومحمد بن المثنى وهذا حديثه قالا: حَدَّثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن محمد بن علي بن ركانة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَقِت في الخمر حدًا».
وقال ابن عباس «شرب رجل فسكر فلقي يميل في الفج فانطلق به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما حاذى بدار العباس رضي الله عنه انفلت فدخل على العباس فالتزمه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك وقال أفعلها ولم يأمر فيه بشيء».
قلت: في هذا دليل على أن حد الخمر أخف الحدود وإن كان الخطب فيه أيسر منه في سائر الفواحش.
وقد يحتمل أن يكون إنما لم يتعرض له بعد دخوله دار العباس رضي الله عنه من أجل أنه لم يكن ثبت عليه الحد بإقرار منه أو شهادة عدول، وإنما لقي في الفج يميل فظن به السكر فلم يكشف عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركه على ذلك والله أعلم.
والفج الطريق. وقوله: «لم يقت» أي لم يوقت يقال وقت يقت ومنه قول الله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتا} [النساء: 103].
قال أبو داود: حدثنا مسدد وموسى بن إسماعيل المعنى قالا: حَدَّثنا عبد العزيز بن المختار حدثنا عبد الله الداناج حدثني حضين بن المنذر الرقاشي هو أبو ساسان قال: «شهد عثمان بن عفان رضي الله عنه وأتي بالوليد بن عتبة فشهد عليه حمران ورجل آخر فشهد أحدهما أنه رآه يشربها، يَعني الخمر، وشهد الآخر أن رآه يتقاياها، قال عثمان رضي الله عنه أنه لم يتقاياها حتى شربها وقال لعلي كرم الله وجهه أقم عليه الحد فقال علي للحسين رضي الله عنهما أقم عليه الحد فقال الحسن رضي الله عنه: ولِّ حارَّها من تولى قارَّها، فقال علي كرم الله وجهه لعبد الله بن جعفر أقم عليه الحد فأخذ السوط فجلده وعليّ يعد فلما بلغ أربعين قال حسبك جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر رضي الله عنه أربعين وجلد عمر رضي الله عنه ثمانين وكلٌ سنة وهذا أحب إليَّ منه».
قوله: ول حارها من تولى قارها مَثَل أي ول العقوبة والضرب من توليه العمل والنفع. والقار البارد.
وقال الأصمعي: معناه ولِّ شديدها من تولى هينها وكلاهما قريب.
وفي قول علي رضي الله عنه: عند الأربعين حسبك دليل على أن أصل الحد في الخمر إنما هو أربعون وما وراءها تعزير. وللإمام أن يزيد في العقوبة إذا أداه اجتهاده إلى ذلك، ولو كانت الثمانون حدًا ما كان لأحد فيه الخيار، وإلى هذا ذهب الشافعي.
وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابه الحد في الخمر ثمانون ولا خيار للإمام فيه.
وقوله: «وكل سنة» يريد أن الأربعين سنة قد عمل بها النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه، والثمانون سنة رآها عمر رضي الله عنه ووافقه من الصحابة علي فصارت سنة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: «اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر».
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان عن عاصم، عَن أبي صالح عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شربوا الخمر فاجلدوهم ثم إن شربوا فاجلدوهم ثم إن شربوا فاجلدوهم ثم إن شربوا فاقتلوهم.
قلت: قد يرد الأمر بالوعيد ولا يراد به وقوع الفعل فإنما يقصد به الردع والتحذير كقوله صلى الله عليه وسلم: «من قتل عبده قتلناه ومن جذع عبده جذعناه» وهو لو قتل عبده لم يقتل به في قول عامة العلماء، وكذلك لو جذعه لم يجذع له بالاتفاق.
وقد يحتمل أن يكون القتل في الخامسة واجبا ثم نسخ لحصول الإجماع من الأمة على أنه لا يقتل. وقد روي عن قبيصة بن ذؤيب ما يدل على ذلك.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا سفيان حدثنا الزهري أخبرنا قبيصة بن ذؤيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه فأتي برجل قد شرب فجلده ثم أتي به فجلده ثم أتي به فجلده ثم أتي فجلده ورفع القتل وكانت رخصة».
قال أبو داود: حدثنا سليمان بن داود المهري حدثنا ابن وهب أخبرني أسامة بن زيد أن ابن شهاب حدثه عن عبد الرحمن بن أزهر قال: «كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن وهو في الرحال يلتمس رحل خالد بن الوليد فبينما هو كذلك إذ أتي برجل قد شرب الخمر فقال للناس اضربوه فمنهم من ضربه بالنعال ومنهم من ضربه بالعصا ومنهم من ضربه بالميتخة. قال ابن وهب: الجريدة الرطبة».
قلت: هكذا قال الميتخة الياء قبل التاء وهي اسم للعصا الخفيفة وهي أيضًا المتيخة التاء المعجمة من فوق قبل الياء وسميت متيخة لأنها تتوخ أي تأخذ في المضروب من قولك تاخت أصبعي في الطين.